يعد مصطلح التعلم المنظم ذاتيا من المصطلحات التي ظهرت في التربية في العقود الأخيرة من القرن العشرين مع الطفرة الكبيرة في تكنولوجيا التعليم، والتي جاءت متوائمة مع طبيعة هذا العصر، عصر التقدم والتطور العلمي والمعرفي، والذي يتطلب إعداد متعلمين قادرين على تحمل قدر كبير من المسؤولية عن كل ما يتصل بتعلمهم.
ومن هذه المسئوليات الإسهام في صياغة أهداف تعلمهم وفي تنظيم وتوجيه عملية التعلم، وكيف يخططون ويتحكمون ويوجهون عملياتهم العقلية نحو الوصول إلى تحقيق أهدافهم، ويكونوا على وعي بالأساليب والاستراتيجيات المناسبة لتحقيقها، ويتحكمون في الوقت والجهد المستخدم في إتمام المهمة المطلوبة، ويبذلون جهدا أكبر في تنظيم بيئة التعلم مع مصادره ومع الآخرين.
مفهوم التعلم المنظم ذاتيا:
تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم التعلم المنظم ذاتيا ومنها:
تعريف Zimmerman (217 ,1998) بأنه الدرجة التي يكون بها الأفراد مشاركين إيجابيا من الناحية السلوكية والدافعية وما وراء المعرفة في عملية تعلمهم [1].
ونظر (Pintrich, 2000,453) إلى التعلم المنظم ذاتيا بأنه عملية هادفة، ونشطة يحدد من خلالها المتعلمون أهدافهم التعليمية ثم يحاولون أن يراقبوا، وينظموا معرفتهم، ودافعيتهم، وسلوكهم، وهم موجهون، ومقيدون بأهدافهم وسياقات بيئة التعلم [2].
ويرى (Schunk, 2005, 86) أن التعلم المنظم ذاتيا بأنه تعلم ناتج من سلوك، وأفكار التلاميذ المولدة ذاتيا، والموجهة نحو تحقيق أهداف التعلم الخاصة بهم [3].
ويشير (Sitzman& Ely, 2011, 165) إلى أن التعلم المنظم ذاتيا هو قدرة المتعلم؛ لتحفيز تعلمه واتخاذ الخطوات اللازمة للتعلم والإدارة وتقييم المتعلم لتعلمه، وتوفير التغذية الراجعة والحكم الذاتي، وفي الوقت نفسه حفاظه على مستوى عال من التحضير الذاتي؛ لتحقيق أهدافه [4].
كما تشير البنا (۲۰۱۳، ۱۱۸) إلى التعلم المنظم ذاتيا بأنه مدى مشاركة المتعلم معرفيا وما وراء معرفيا وسلوكيا ودافعا في عملية تعلمه، ومشاركته النشطة بهدف تنمية التحصيل الهندسي والتنظيم الذاتي للمتعلم [5].
في ضوء التعريفات السابقة للتعلم المنظم ذاتيا يمكن استنتاج ما يلي:
- التعلم المنظم ذاتيا ليس قدرة عقلية نوعية، ولكن هو سلسلة من الإجراءات والسلوكيات التي تركز على الكيفية أو الطريقة التي يستطيع المتعلم من خلالها أن ينشط ذاتيا؛ فيعدل ويدعم ممارساته التعليمية.
- التعلم المنظم ذاتيا يركز على المتعلم ذاته لا على المحيطين به.
- هو تعلم يضم العمليات المعرفية وما وراء المعرفية والسلوكية والدافعية، بما يساهم في تخطيط وتنظيم عملية التعلم من قبل متعلم نشط ومستقل وقادر على اتخاذ القرارات لإدارة عملية تعلمه؛ وذلك لتحقيق الأهداف المرغوبة.
مبادئ التعلم المنظم ذاتيا:
أشارت البنا (2015)، (2011) Bembenutty تم التوصل إلى مجموعة من المبادئ التي يقوم في ضوئها التعلم المنظم ذاتيا والتي يجب مراعاتها عند تعليم التلاميذ وفقا لهذا النمط من التعليم، وفيما يلي عرض موجزا لها [6] – [7]:
- إدراك كل من المعلم والتلاميذ أن استراتيجيات التعلم المنظم ذاتيا في حد ذاتها سلوكيات وعمليات مباشرة يجب على التلاميذ أداؤها من أجل اكتساب المعارف وأداء المهارات وهذا يتطلب كفايات تدريسية مناسبة لدى المعلم.
- تنشيط المهارات المعرفية لدى التلاميذ والتي تجعل أنشطة التعلم فعالة. لم يحدد التلميذ الأهداف التعليمية تحت إشراف المعلم وتوجيهه ثم يضعها في بؤرة الاهتمام ويحرص على تحقيقها.
- ترك الحرية للمتعلمين لأداء الأنشطة التعليمية بالكيفية التي توافقهم، كما تترك لهم الحرية التخطيط مهام تعلمهم واستخدام وقتهم ومصادر التعلم.
- تحدي التلاميذ لوضع أهداف صعبة تزيد وترفع قدراتهم؛ لتحقيقها ويدربوا على أن الفشل إنما هو فشل مؤقت وليس نقصا في قدراتهم.
المراجع
- ↑ تZimmerman ,B. J.; Kitsantas, A. (1989). Social View of Self-Regulated Academic Learning. Journal of Educational Psychology, 81(3), 329-339.
- ↑ Pintrich (2000). Multiple Goals, Multiple Pathways: The Role of Goal orientation in learning and Achievement Journal of Educational Psychology (92),544-555.
- ↑ Schunk, D. H. (2005). Self-Regulated Learning: The Educational Legacy of Paul R. Pintrich. Educational Psychologist, 40(2): 85-94.
- ↑ Sitzman, E. K. (2011). A meta – Analysis of Self-Regulated Learning in Work – Related Training and Educational Attainment: What We Know and Where Need to go, Psychological, Buletin, 137 (3), May.
- ↑ البنا، مكة عبد المنعم (۲۰۱۳). استراتيجية مقترحة في ضوء التعلم المنظم ذاتيا لتنمية مهارات التنظيم الذاتي والتحصيل في الرياضيات لدى تلاميذ الصف الثالث الإعدادي. مجلة تربويات الرياضيات، ۱۹ (۹)، ۱۱۲-۱۷۸.
- ↑ البنا، مكة عبد المنعم (۲۰۱۵). اتجاهات حديثة في تدريس الرياضيات، القاهرة، مطبعة المنار.
- ↑ Bembenutty, H (2011). Introduction Self- Regulation of Learning in Postsecondary Education. New Directions for Teaching and Learning
