مهارات التدريس

التلاميذ في العملية التعليمية

التلاميذ في العملية التعليمية

ينظر بعض المعلمين الى التلاميذ في العملية التعليمية في الفصل الواحد كما لو كانت مستوياتهم متقاربة ، فى الذكاء والمفاهيم والاتجاهات والمهارات، كما يتصورون أنه لا يوجد بينهم من لا يعانى من مشكلات صحية أو نفسية أو اجتماعية أو غيرها.

وبالتالي فهم يعتبرون الجميع على قدم المساواة ، ومن هنا تكون توقعات هؤلاء المعلمين احدة بالنسبة للجميع، أي أنهم يحددون مستويات مسبقة لتلاميذ الفصل ويسعون الى تحقيقها ، ولذلك فان فشل الكثير من التلاميذ في تحقيق تلك المستويات المتوقعة يشعرهم بالاحباط فضلا عن أنه يزيد من توتر المعلم وتذمره تجاه من لم يستطيعوا تحقيق توقعاته.

اذ أنه ينظر الى هذا الأمر كدليل على فشله أو انخفاض مستوى كفاءته فى التدريس ، وخاصة اذا كانت هناك مقارنة بين مستويات تلاميذ فصول الصف الواحد.

التلاميذ في العملية التعليمية ودور المعلم

وفى ضوء ذلك يجب أن يتنبه المعلم الى عدة أمور متعلقة بتلاميذ الفصل الواحد هي :

1 – أن التلاميذ في العملية التعليمية لا يتفقون في خصائصهم العامة

بل ويمكن القول أنه لا يوجد تلميذ فى صورة مطابقة لتلميذ آخر في الفصل ذاته ، فكل تلميذ يأتى الفصل وهو يحمل معه خبراته بكل ما تشمله . ومفاهيم وقيم ، وبالتالي فهو حالة مفردة يصعب القول أنها تتطابق مع تلميذ آخر.

هذا الى جانب أن الجميع قد اتيحت لهم دراسة مستويات قبلية من المادة التي نقوم بتدريسها ، وقد يكون من بينهم من اكتسب ميلا لدراستها والاستمرار في تعلمها ، وقد يكون هناك من لم يستطع اكتساب هذا الميل الأسباب قد يكون مسئولا عنها أو لأسباب قد يسأل عنها من قاموا بتدريس هذه المادة في المستويات السابقة.

ولعلنا نلاحظ أن التلاميذ كثيرا ما يكتسبون خبرات من خلال الاذاعة المسموعة والاذاعة المرئية ، وكذا من خلال الصحف والمجلات والتسجيلات الصوتية وغيرها من مصادر المعرفة ، ولذلك فهناك عادة تفاوت فى نوعية الخيرات التي يمتلكها كل تلميذ وكذا مستوياتها ، وبالتالي يصعب أن ننظر الى الجميع من منظور واحد.

2 – ان التلاميذ في العملية التعليمية يختلفون فى مستوياتهم القرائية

فليس من اليسير أن يقرأ الجميع كل المواد التعليمية المتاحة ، هذا كما أن هناك التلاميذ من يستطيع أن يعبر عن نفسه لفظيا على نحو سليم ، وفي نفس الوقت نجد الكثيرين لا يستطيعون ذلك ولكنهم أقدر على التعبير التحريري ، وفي كثير من الأحيان نلمس ضعفا لدى بعض التلاميذ فى مهارات القراءة ، الأمر الذى يؤدى فى معظم الأحوال الى فهم خاطىء أو قاصر للمادة المقروءة

أننا وبناء على ذلك فان الكتاب الواحد والمقرر على جميع التلاميذ يعنى نتصور أن الجميع قد وصلوا الى مستوى عال من التمكن من مهارات ، وهو أمر يصعب تصوره حتى على المستوى النظري ، وبالتالي فان القراءة المعلم يجب أن يكون على دراية كاملة بمستويات تلاميذه في القراءة ، ومدى تمكنهم من مهاراتها والصعوبات التى تعوق تقدمهم

ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يجب أن يضع مستويات تلاميذه موضع الاعتبار عند اختيار مختلف المواد التعليمية المصاحبة للكتاب المدرسى ، وكذلك في اختياره الوسائل التعليمية ذات الصلة بدروسه ، ومعنى هذا أن كل تلميذ يجب أن يكون له ملفه الخاص الذي يمكن من خلاله أن يكون المعلم صورة حقيقية عن مستويات تلاميذه، وعندئذ يكون أقدر على البدء البداية الصحيحة ويكون أصوب في اختياره للطرق والوسائل والأنشطة المصاحبة

3 – أن بعض التلاميذ في العملية التعليمية قد يعانون من مشكلات صحية

مثل ضعف في السمع أو البصر أو اعاقة بدنية أو أحد الأمراض المزمنة، وهذا يعنى أنهم قد يكونون أقل في مستوى الكفاءة من أقرانهم حينما يشاركون في أي شكل من أشكال النشاط المدرسى ، وبناء على ذلك فان المعلم لا ينبغي أن يترك اكتشاف هذه الأمور العامل الصدفة ، ولكنه يجب أن يبادر منذ البداية لدراسة كل حالة على حدة.

وهنا تظهر مرة أخرى أهمية توافر ملف لكل تلميذ يستطيع المعلم بالرجوع اليه أن يكون صورة حقيقية عن كل تلميذ ، وهو الأمر الذي يعتمد عليه كلية في تحديد المستويات المتوقعة من كل منهم ، كما يستفاد منها في تحديد أشكال النشاط المناسبة لكل منهم ، وكذا نوع القراءات المناسبة ومستوياتها.

وهذا كله يعد من الأمور المساعدة على نجاح المعلم في أدائه لمهامه التدريسية ، وقد يرى المعلم ضرورة لاجراء عديد من المقابلات مع التلاميذ على نحو فردى استكمالا للصورة الكلية لكل تلميذ

وهنا يجب أن يلاحظ أن درجة الثقة والألفة والصداقة بينه وبين التلميذ هي المدخل الحقيقى للحصول على معلومات كافية وصادقة

4 – ملاحظة موضع الدرس بالنسبة لخطة الدراسة:

يلاحظ أن موضع الدرس بالنسبة لخطة الدراسة اليومية يؤثر الى حد بعيد في مدى انتباه التلاميذ وكفاءتهم فى النشاط والمشاركة والفعالية ، ومعنى هذا أنه اذا كان موعد حصتك هو الحصة الأولى أو الثانية فان التلاميذ سيكونوا في حالة جيدة وأكثر انتباها مما اذا كان موعد الحصة في منتصف اليوم الدراسي أو آخره.

وبالتالى فان المعلم يجب أن يكون على دراية كاملة بأهمية هذا الأمر، فقد يرجع عدم انتباه بعض التلاميذ الى شعورهم بالتعب الحضور عدد من الدروس قبل الدرس الحالى، كما أنهم قد يشعرون بنوع من الكسل أو الخمول اذا كانت موعد الحصة بعد الفترة المخصصة لتناول الطعام.

وفى مثل هذه الحالات ليس من العدل أن يتوقع المعلم أن تكون المشاركة والفعالية على نفس الدرجة اذا كان الدرس في الحصة الأولى أو الثانية ، ومن الجدير بالذكر فى هذا الشأن أنه ليس من اليسير بالنسبة لادارة المدرسة أن تجعل كل الدروس فى بدايات اليوم الدراسي.

ولكن لابد أن يواجه المعلم بموقف من هذا النوع ، وبالتالي فان المعلم الكفء يستطيع أن يخصص فترة وجيزة للترفيه ، وأن يكون قادرا على اجراء تعديلات في خططه بحيث يحتوى الدرس على نشاطات عملية ومناقشات وأسئلة مثيرة للتفكير وما الى ذلك من الأساليب الكفيلة باثارة الاهتمامات ورفع مستويات الدافعية لدى تلاميذه ليكونوا أكثر استعدادا للمشاركة الفعالة في الدرس .

5 – إدراك أن بعض التلاميذ في العملية التعليمية يعاني من مشكلات مادية

ولذلك نجدهم يلحقون بأعمال مختلفة ، بل وقد يتحمل بعض التلاميذ مسئوليات جسيمة تجاه الأسرة نظرا لفقد عائلها لسبب أو آخر

وبذلك يلاحظ أن انتماءهم إلى صفوف التلاميذ في الفصول الدراسية يكون لتطلعهم إلى المزيد من التعليم ودخول الجامعة والحصول على مؤهلات عالية من أجل تحسين المستوى المادى ، الا أن ارتباطهم بالعمل بعد انتهاء اليوم الدراسى يكون على حساب الوقت المخصص لانجاز الواجبات المنزلية أو الأنشطة الفردية التي يطلبها المعلم منهم.

وفى مثل هذا الموقف يجب أن يدرس المعلم كل حالة على حدة بحيث يعقد لقاءات فردية مع كل تلميذ لمناقشة ظروفه ومشكلاته ومساعدته في تنظيم وقته بصورة يمكن أن تيسر له الدراسة.

والأمر المؤكد في هذا الشأن هو أنه لا يمكن أن نطالب التلميذ بأن يترك العمل ويتفرغ للدراسة الا اذا أوجدنا له مصدرا يمكنه الاستغناء به عن العمل ، واذا ما تعذر ذلك فلا ينبغي أن نتوقع منه مستوى من الأداء يتفق مع مستويات التلاميذ الآخرين .

6- اكتشاف التلاميذ الموهوبين

قد يجد المعلم من بين تلاميذه تلميذا أو أكثر من الموهوبين ذوى القدرات الخاصة ، وفى هذه الحالة قد يخطىء المعلم ويترك هذه النوعية من التلاميذ لاشباع مواهبها مما يعنى اغفالا لكثير من الأمور التي يجب تعلمها ، وبالتالي فان القاعدة الأساسية فى هذا الشأن هى أن يتيح المعلم فرصا كافية لهم لاظهار مواهبهم.

وقد يستفيد من انتاجهم فى عملية التدريس ، أى أنه يقوم بمساعدتهم منذ البداية على التخطيط لانتاجهم بحيث تكون له وظيفة حقيقية في مواقف التدريس.

هذا كما أنه يستطيع أن يخصهم بتكليفات معينة لا يشترك فيها غيرهم من التلاميذ ، مع تحاشى أن يتسرب الغرور الى نفوس هؤلاء التلاميذ والا يحاولوا التعالى على زملائهم وألا يشيع جو من التنافس غير الصحي بين تلاميذ الفصل الواحد.

 إذ أن امتلاك تلميذ معين الموهبة ما أو فقده اياها هو نتيجة لعوامل كثيرة : بيولوجية واجتماعية وثقافية وغيرها، وبالتالي فان التعامل مع هذه النوعية من التلاميذ يجب أن يكون من منطلق أن لكل تلميذ امكانياته، ومن ثم فان وظيفة المعلم في هذا الشأن هي التوجيه والصقل والتنمية بالقدر المناسب لكل تلميذ [1].

المراجع

  1. Natriello, G. (2013). The impact of evaluation processes on students. In School and classroom organization (pp. 227-246). Routledge.‏
السابق
خصائص المضربين سلوكيا وانفعاليا
التالي
النظرية البيئية في التعليم والتعليم

اترك تعليقاً