المناهج وطرق التدريس

مفهوم التربية والفرق بينها وبين التعليم

مفهوم التربية والفرق بينها وبين التعليم

تعددت التعريفات التي تناولت هذا مفهوم التربية وتنوعت محاولات تحديده وهو من المفاهيم شائعة الاستعمال في كثير من الأوساط والبيئات. وصعوبة تحديد المفهوم ترجع إلى عدة عوامل من أهمها:

  • اختلاف الفهم لطبيعة الإنسان حيث يصعب الإلمام بدقائقه وأسراره وعلاقاته الداخلية والخارجية. فهو معقد التركيب، حيث يتكون من عدد كبير من الأنظمة الفرعية المتفاعلة التي تعمل في انسجام وتوافق.
  • وهو معقد في وظائفه، فلكل عضو وظيفته أو وظائفه المتكاملة مع وظائف الأعضاء الأخرى، وهو في سلوكه يخضع للعديد من القوى والمؤثرات.
  • التربية تدور حول الإنسان بالتعقيد والتشابك، حيث تخضع للعديد من العوامل المؤثرة (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية…إلخ).
  • المجتمع الذي توجد فيه التربية له خصائصه التي تميزه (ثقافيًا، اجتماعيًا، اقتصاديًا،…إلخ) وهي بطبيعتها لها انعكاساتها على الوضع التربوي داخل المجتمع.
  • اتساع مدلول كلمة التربية، فالتربية هي الحياة بكل مناحيها، وهي محور اهتمام الناس جميعًا فكل واحد من الناس مشغول بتربية أبنائه، ويسهم في القيام بهذه العملية بشكل ما، ويرى كل فرد أن لديه بعض الخبرة عن التربية مما يجعلها ليست حكرًا على المتخصصين.

مفهوم التربية:

كل هذا وغيره ربما كان وراء تباين التعريفات وتعددها، ونعرض فيما يلي للتعريفات التي عرضها كبار المربين لمفهوم التربية:

فقد عرفها “أفلاطون” (427-346 ق.م) بأنها ” إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال والكمال”.

وعرفها “أرسطو” (384-322 ق.م) بأنها ” إعداد العقل لكسب العلم كما تعد الأرض للنبات والزرع”.

ويرى المفكر البريطاني “سبنسر” (1820-1903م) أنها ” إعداد الإنسان ليحيا حياة كاملة”.

وعرفها السويسري “بستلوزي” بأنها “تنمية قوى الطفل تنمية كاملة متلائمة”.

وحدد الألماني “كانط” الغرض من التربية بأنها “التي تصل بالإنسان إلى الكمال المطلق”.

وعرفها الإنجليزي “جون ملتون” (1608-1674م) بأنها ” هي التي تجعل الإنسان صالحًا لأداء أي عمل عامًا كان أو خاصًا بدقة وأمانة ومهارة في السلم والحرب.

ويرى “دور كايم” بأنها ” العمل الذي تحدثه الأجيال الراشدة في الأجيال التي لم تنضج النضج اللازم للحياة الاجتماعية”.

ويرى “جون ديوي” أن التربية هي ” الحياة نفسها، وليست مجرد إعداد للحياة”.

 وبالتأمل في التعريفات السابقة نجد أن كلا منها ينظر إلى التربية من زاوية معينة، وهذا يتوافق مع طبيعة التربية ذات الجوانب العديدة من (مناهج وإشراف، إدارة، تقويم، إعداد المعلمين، النمو…إلخ).

غير أن هذه التعريفات رغم ما تحمله بين طياتها من مثل عليا وقيم مرغوبة إلا أن النقص يعتريها، كما أن بعضها يخلط بين تعريف التربية وأغراضها.

إلا أن المنظور الإسلامي للتربية يؤكد أنها” إعداد الفرد ليحيا حياة كاملة في كل جوانب حياته. وهي تربية تبدأ قبل الميلاد، أي منذ اختيار الزوجة ورعايتها في حملها وتستمر مع الإنسان بعد مولده وعبر مراحل حياته المختلفة في كل جوانبها الجسمية والعقلية والخلقية والاجتماعية فهي تربية شاملة متكاملة متوازنة”.

التربية والتعليم

إذا كان البعض لم يفرق بين التربية والتعليم وجعل منهما شيئًا واحدًا مفاده تحصيل العلم وتحقيق النجاح الدراسي، فقد غاب عن هؤلاء حاجة الممارسة الحياتية إلى مهارات وقدرات أعلى بكثير مما يقدمه التعليم المعتمد على التحصيل وملء الأذهان بالمعلومات.

بيد أن التربية تقدم من المناشط ما يكسب الأفراد العديد من المهارات والقدرات والاستعدادات وينميها، وبالتالي تكون الابتكارية كما تسهم في إعداد الشخصية الإيجابية وتحقيق كل نمو مرغوب فيه

ولا يقتصر تقديم هذه المناشط على مؤسسات التربية المدرسية فهناك المؤسسات اللامدرسية كالأسرة والمسجد والنوادي ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.

في حين لو نظرنا إلى التعليم لوجدنا أنه جانب جزئي من جوانب التربية يقتصر على تنمية الجانب العقلي والمعرفي أو جانب القدرة والمهارة، وهذا المعنى يمثل الجانب العقلي والتثقيفي والتدريبي من العملية التربوية التي تشمل مجالات أخرى أوسع وأرحب، فالتعليم أحد مناشطها.

وهو محدود يراد به نقل المعلومات من المعلم (الإيجابي) إلى المتعلم (المتلقي)؛ ويمكن القول بأن مفهوم التربية أعم وأوسع مجالاً من التعليم وذلك في أهدافها وعملياتها ومجالاتها وأوساطها ووسائلها، فهي عملية نمو وتعلم وتغير في السلوك واكتساب للخبرة وتطبيع اجتماعي وتكيف نفسي واجتماعي وتهذيب خلقي، وتنمية للمواهب والقدرات.

فضلاً عن ذلك فإن التربية تشمل العديد من الجوانب الجسمية والعقلية والوجدانية والروحية والخلقية والاجتماعية والسياسية والجمالية. كما أنها لا تقتصر على التربية المدرسية فهناك التربية اللامدرسية بمؤسساتها المختلفة (الأسرة، دور العبادة، وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، النوادي، المتاحف، المعارض، دور الثقافة، المكتبات).

السابق
أنواع التقويم التربوي وأهدفه
التالي
أهمية علم النفس التربوي في العملية التعليمية

اترك تعليقاً