المناهج وطرق التدريس

مفهوم الوسائل التعليمية وتطوره

مفهوم الوسائل التعليمية وتطوره

بعد محاولة الوقوف على بعض نماذج الوسائل التعليمية التي ذكرت فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ياتى دور الحديث عن مفهوم الوسائل التعليمية وتطوره

 فكلمة وسائل( Media ) جمع لكلمة وسيلة (Medium) وكلمة الوسيلة فى اللغة العربية قال عنها ابن الأثير (فى النهاية) تعنى القربة وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به إليه.

  وبناء على ما سبق يمكن القول أن الوسائل التعليمية ليست غاية فى حد ذاتها ولكنها تستخدم لتحقيق غاية، فكما أن الإنسان يركب السيارة ليصل بها إلى عمله فإن المعلم يستخدم الوسيلة ليحقق بها أهدافا تعليمية يسعى إليها وليست الوسيلة هى الغاية والهدف.

كما أن من يركب السيارة ليس هدفه السيارة وإنما الذهاب للعمل ويمكنه أن يستخدم أى وسيلة مناسبة غير السيارة كالأتوبيس أو الدراجة مثلا.والوسيلة التى يستخدمها المعلم أيا كانت ليست غاية فى حد ذاتها، ويمكننا القول فى ضوء المعنى العام لكلمة وسيلة بأن الوسائل التعليمية هى كل ما يستخدم لتحقيق الغاية الكبرى من وراء عملية التعليم وهى التعلم.

  إذا أردنا تتبع جذور مفهوم الوسائل التعليمية فإننا نجد من يرجعونه إلى القرن الخامس عشر– ونحن المسلمين نجد لها جذورا فى قراننا وسنة نبينا تسبق هذا التاريخ كما أتضح من المقدمة السابقة – حينما ظهرت الصور والرسوم فى الكتب المدرسية لأول مرة كمعينات بصرية.

وبدأ الحديث عن أهمية حاسة البصر فى مواقف الاتصال ونتيجة لذلك سمي التعليم الذي يستعين بالصور والرسوم بالتعليم البصري وسميت الوسائل التى تحتوى على صور أو رسوم بالمعينات البصرية Visual Aids أو معينات التدريس.Teaching Aids

انواع الوسائل التعليمية

وإذا أردنا تتبع المسميات التى أطلقت على مفهوم الوسائل التعليمية لوجدنا أنفسنا أمام العديد من المسميات منها:

معينات التدريس أو الوسائل التعليمية المعينة Teaching Aids

  وقد نشأت هذه التسمية نتيجة لرؤية البعض أن المعلم عاجز عن تعليم تلاميذه كل شىْ معتمدا على لسانه فقط – اللغة اللفظية – فنشأت هذه التسمية معينات التدريس ويوصف بها كل الوسائل الأخرى غير ما ينطق به المعلم من كلمات.

وسائل الإيضاح

وقد نشأت هذه التسمية نتيجة لإدراك المعلمين والمربين على مر العصور أن الكلام وحده ( الألفاظ) يعجز عن نقل الحقائق والمعلومات – فى كثير من الأحيان – إلى التلاميذ فضلا عن أن يكسبهم إدراكا صحيحا لكثير من الحقائق.

من هنا دعى المفكرون من المعلمين إلى استعمال وسائل أخرى بالإضافة إلى اللغة اللفظية المنطوقة أو المكتوبة. وكانت أولى هذه الوسائل المستخدمة الرسوم والصور فسميت رسوما إيضاحية أو صورا إيضاحية ثم انسحب مسمى وسائل الإيضاح على أية وسيلة أخرى دخلت ميدان التعليم بعد الصور والرسوم كالسينما والنماذج ……. إلخ.

الوسائل السمعية والبصرية Audio Visual Aids   

  وقد نشأت هذه التسمية نتيجة لازدياد إدراك المعلمين لأهمية حاستي السمع والبصر فى التعليم فوصف التعليم القائم على استعمال حاستي السمع والبصر بالتعليم السمع /بصري ووصفت الوسائل التى تخاطب حاستي السمع والبصر بالوسائل السمعية البصرية أو السمع /بصرية.

وسائل الاتصال

وقد ظهر هذا المسمى تمشيا مع إجماع علماء الاتصال على مبدأ هام هو أنه ” لا اتصال بلا وسيلة اتصال, وأن نجاح الاتصال أو فشلة يتوقف على عوامل عديدة من بينها الوسائل المستخدمة فى موقف الاتصال ” وعند اعتبار العلاقة بين مفهوم الاتصال والتعليم – لكون التعليم عملية اتصال- أجمع المربون على أنه ” لا تعلم بلا وسيلة تعليمية “.

الوسائل التعليمية  Instructional Media

   مع إدراك المعلمين والمربين لقصور وعيوب المسميات السابقة, وتطور مجال الاتصال وتطور نظرياته لم تعد المسميات السابقة مقبولة وتوضيح ذلك فيما يلي:

 مسمى معينات التدريس ومسمى وسائل الإيضاح يعاب عليهما أنهما يقصران مجال الوسائل التعليمية على حدود ضيقة للغاية ويوحيان بأن تلك الوسائل كمالية أو ثانوية وأنها غير أساسية فى عملية التدريس ويمكن الاستغناء عنها.

والحقيقة أن هذه الوسائل لا تعين المعلم أو المدرس فقط على التدريس كما يفهم من مسمي معينات التدريس وإنما تعين المتعلم على التعلم أيضا وبالتالي فدورها يشمل الموقف بشقيه ( تعليم وتعلم).

مسمى وسائل الاتصال يعاب عليه انه قد يخرج بنا عن مجال التعليم وذلك لاتساع مجال الاتصال.

أما مسمى الوسائل السمعية والبصرية ( السمع / بصرية ) فيعاب عليه إغفاله للحواس الأخرى رغم أهميتها فى التعليم والتعلم, فالنماذج مثلا يمكن أن يتعلم منها الإنسان بلمسها وفحصها وليس بالنظر إليها فقط وإلا لما تعلم منها فاقد البصر.

كما أن الإنسان يمكن أن يتعلم عن طريق حاسة الشم فيميز بين سوائل أو غازات معينة من حيث رائحتها, كما أنه يمكن أن يتعلم أيضا من خلال حاسة الذوق أو التذوق فيميز بين مذاقات أطعمة أو أشربة معينة وكثيرا ما تستخدم حاسة الذوق عند تعليم الفتيات فى تخصصات معينة كالاقتصاد المنزلي.

ويضاف إلى ما سبق من قصور فى المسميات السابقة أنها اقتصرت غالبا على مجرد الحصول على بعض المواد التعليمية دون الاهتمام بطريقة الاستفادة منها أو أن تحقق كثيرا من الأهداف التعليمية.       

   ونتيجة لما سبق ظهر المسمى السابق الإشارة إليه ” الوسائل التعليمية ” ولقى قبولا فى الأوساط التربوية عن كل المسميات السابقة نظرا لشموله ولتغلبه على نواحي قصور أو عيوب المسميات السابقة.

   وعلى الرغم من أن هذا المسمى – الوسائل التعليمية– لم يتعرض للانتقادات التى تعرضت لها المسميات السابقة إلا أنه مع التقدم العلمي الذي نشهده فى الوقت الحاضر فى مجال أجهزة الاتصال الحديثة حدث ما يمكن أن نطلق عليه بالتداخل أو الخلط بينه وبين مفاهيم أخرى كتكنولوجيا التعليم رغم اختلاف المعنى الذى يشير إليه كل مسمى منهما وطبيعة محدداته.

وسوف يتم التعرض لهذين المفهومين وغيرهما من المفاهيم القريبة والتى تتداخل مع بعضها البعض والتى لها علاقة بمفهوم الوسائل التعليمية ولكن ذلك يستلزم التعرف أولا على بعض التعريفات التى وردت فى الأدبيات التربوية لمفهوم ” الوسائل التعليمية”.

بعض تعريفات مفهوم الوسائل التعليمية:

المتصفح للأدبيات التربوية يجد العديد من التعريفات لمفهوم الوسائل التعليمية ومن هذه التعريفات ما يلي: 

  • الوسائل التعليمية هى الأدوات والطرق التى تستخدم لتحسين عملية التعليم والتعلم والتى تساهم فى إكساب التلاميذ المهارات أو تعويدهم على العادات أو تنمية الاتجاهات والقيم دون الاعتماد على الألفاظ والرموز والأرقام (إبراهيم عصمت مطاوع، 1974، ص31)
  • هى الأدوات والطرق التى تستخدم فى المواقف التعليمية والتى لا تعتمد كلية على فهم الكلمات والرموز والأرقام  (أحمد خيري كاظم، جابر عبد الحميد، 1980م، ص 28)
  • هى المواد والأجهزة و المواقف التعليمية التى يستخدمها المعلم فى مجال الاتصال التعليمي (حسين حمدي الطوبجي، 1981، ص 20 )
  • مجموعة من الأجهزة والأدوات يستخدمها المعلم لأغراض مختلفة من أهمها أن تعينه على توضيح ما يقول أو ما هو فى الكتاب من كلمات وألفاظ ورموز وأرقام  (رشدي لبيب، فايز مراد مينا، فيصل هاشم شمس الدين، 1983م، ص 18 ).
  • أو هى الأدوات والأجهزة أو المواد التى يستخدمها المعلم مع تلاميذه فى المواقف التعليمية لتحقيق أهداف محددة، سواء كانت هذه الأدوات من تصميم وإعداد المعلم أو كانت سابقة الإعداد والتجهيز وسواء كانت معقدة التركيب أو مبسطة ومعدة من بعض الأدوات والخامات والإمكانيات المحلية. (حسام مازن، 1987، ص 6)
  • هى الأدوات والآلات والمعدات التى يستخدمها المدرس أو الدارس لنقل محتوى الدرس إلى مجموعة من الدارسين سواء داخل الفصل أو المدرسة أو خارجها بقصد تحسين ورفع درجة كفاءة العملية التعليمية وبلوغ الأهداف المنشودة فى اقل وقت ممكن وبأقل الجهد وذلك دون الاستناد إلى الألفاظ وحدها (حمودة نبيه محمد وآخرون، 1988، ص21)
  • هى المواد والأجهزة والأدوات والمواقف التى تحمل الرسالة التعليمية فى موقف الاتصال التعليمي وتنقلها إلى المتعلمين ـ وهى بالتالي أوعية للمعرفة ومصادر للتعلم يستخدمها كل من المعلم والمتعلم أو كلاهما معا لتحقيق أهداف محددة.(على عبد المنعم، 2000، ص21)    
  • وهى الأجهزة والأدوات والأنشطة التى تستخدم فى نقل المعرفة وتسهل للمعلم والمتعلم تحقيق الأهداف التعليمية (فيصل هاشم شمس الدين، 2001، ص 6)     

  ومما سبق حول الوسائل التعليمية يمكن استخلاص ما يلي:

  • إن مفهوم الوسائل التعليمية يتسع ليشمل الأجهزة والأدوات والمواد والأنشطة التى تستخدم فى مواقف الاتصال التعليمية-من قبل المعلم أو المتعلم-لتحسين عملية التعليم والتعلم.
  • إنه على الرغم من اختلاف أو تعدد تعريفات العلماء لمفهوم الوسائل التعليمية إلا أنهم يتفقون على أهميتها فى عملية التعليم والتعلم ودورها فى رفع وتحسين كفاءة العملية التعليمية. 
  • عدم حصر الوسيلة التعليمية داخل المؤسسة التعليمية فقط.
  • لا يقتصر استخدام الوسيلة التعليمية على المعلم وحده بل يستخدمها المتعلم أيضا  
السابق
9 من مظاهر النمو Aspects of development
التالي
المشكلة السكانية وأبعادها في مصر